يعود بنا الزمان سنوات وسنوات إلى الوراء عندما کنا طلابا في قسم التاريخ، وعالمنا الجليل يجلس على منصة المحاضر مسترسلا في الشرح، محملقا في السماء وکأنه يستقريء ما في الغيب؛ وما بين نظراته هنا وهناک کنا نتابعه بشغف شديد، فقد کان يشدنا نحوه بتفسيراته وتحليلاته غير النمطية لأحداث التاريخ. ولم نکن وقتها ندري من هو محمود إسماعيل المؤرخ والمفکر.           وتمر الأيام والسنون، ولم نکن ندري أن القدر خبأ لنا ما لم نکن نحلم به، فقد أصبح التلاميذ زملاء لسيادته بقسم التاريخ بآداب عين شمس، ولم تنس غالبيتنا أننا کنا تلاميذاً له. وإزاء أزمة الأخلاق التي يمر بها المجتمع الجامعي الآن فقد رأى  بعضا من تلامذته الأوفياء أن من واجبهم الوفاء لهذا العالم المتواضع، الذي ما أن طرق بابه سائلا ما حتى عاد مقضي الحاجة، والذي انتشر تلاميذه في مصر والمغرب والجزائر والکويت وغيرها من الدول العربية.