شهد الاقتصاد العالمي مع بداية التسعينات مجموعة من المتغيرات الدولية الاقتصادية والسياسية من أهمها انتهاء مفاوضات مطولة على مدار 8 سنوات (1986-1994) والتي استهدفت الحد من الحواجز الجمركية وتعزيز حركة التجارة الدولية وتحقيق الازدهار العالمي والتي انتهت بتوقيع 125 دولة على إعلان مراكش وهو تمثيل الصورة النهائية لاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة والمعروفة باسم الجات وقد أثارت بعض الدول النامية ومنها مصر تخوفها من الآثار السلبية المحتملة للجولة، حيث يؤدى تخفيض دعم الصادرات الزراعية بسبب فى الدول المتقدمة الى انخفاض عرض الصادرات ورفع الأسعار العالمية لبعض المنتجات الزراعية وكذلك يؤدى تخفيض تعريفة الى نفس الأثر على الأسعار العالمية والمحصلة النهائية لكل هذه التغيرات زيادة تكاليف استيراد الغذاء وبصفة خاصة بالنسبة للدول المستوردة الصافية للغذاء. وتمثلت المشكلة البحثية فى ان مصر ستعانى من تأثيرات الجات وستكون خسائرها اكبر من مكاسبها وحيث أنها مستورد صافى للغذاء حيث تستورد عدد كبير من السلع الغذائية يمثل نحو 50% من احتياجاتها الغذائية ويؤدي تحرير التجارة الدولية وإزالة أوجه الحماية والدعم إلى ارتفاع قيمة واردتها من السلع الغذائية وتعرض منتجاتها المحلية وسلعها التصديرية الزراعية الى منافسة كبيرة، فضلا على أنها تعتمد فى جزء كبير من وارداتها على المساعدات الغذائية والتى من المحتمل التقليل منها او إلغائها فى المستقبل. كذلك فمن المتوقع أن تتأثر مصر بالسالب نتيجة التزامها بتحرير وارداتها والذى يقلل من عوائدها الجمركية، ويهتم البحث ببعض الواردات الغذائية، ويهدف الى قياس الآثار المتوقعة للجات عليها وهي اللحوم الحمراء، واللحوم البيضاء، والألبان. وأشارت الدراسة إلى أن كمية الواردات لمصر بلغت حوالى 163.97، 0.01، 871.50 الف طن لكل من اللحوم الحمراء، واللحوم البيضاء، والالبان على الترتيب، بلغت قيمتها حوالى 248.10، 0.16 ، 153.62 مليون دولار لنفس السلع على الترتيب، كما بلغت نسبة الاكتفاء الذاتى لهذه السلع على الترتيب السابق حوالى 64.58%، 100.1%، 79.80% وذلك عام 1998.             وقد اعتمد تقدير الآثار المتوقعة للجات على أن تخفيض الدعم المعطى للمنتجين أو دعم الصادرات سيؤدى الى رفع الأسعار العالمية والمحلية، كما أن تحويل القيود التجارية (القيود الكمية) الى قيود جمركية (رسوم جمركية) وتخفيضها فى الدول المستوردة مما يؤدي إلى انخفاض السعر المحلى للسلعة وبالتالى الى زيادة الطلب على الواردات، وقامت الدراسة بتقدير مرونات الطلب والعرض العالمى ومرونات الطلب والعرض المحلى، هذا بالإضافة الى المرونات السعرية للطلب والعرض المحلى ومرونة الطلب للواردات المحلية، بافتراض أن الانتاج المحلى بديل كامل للواردات من السلعة، وقد تم حساب المتوسطات للفترتين (1991-1994)(1995-1998) قبل و بعد تنفيذ الاتفاقية، واتضح من النموذج المصمم أن الاسعار العالمية للحوم الحمراء تزيد سنويا بنسبة% 2.2  وذلك كنتيجة لتطبيق اتفاقية الجات، ورغم زيادة الاسعار العالمية فإن كمية الواردات التى تستوردها مصر تزيد سنويا بحوالى 190.7 الف طن، الأمر الذى يعنى ان الانتاج الخارجى سيظل منافس قوى للانتاج المحلى من اللحوم الحمراء، وقدرت الزيادة المطلقة فى قيمة الواردات المحلية بحوالى 35.2 مليون دولار، وقد قدرت صافى الخسارة فى الرفاهية سنويا نتيجة هذا الاستيراد بحوالى 27.1 مليون دولار، وبالنسبة للحوم البيضاء وجد أن الأسعار العالمية لها تزيد سنويا بنسبة% 7.2، ، كما تزيد كمية الواردات التى تستوردها مصر سنويا بحوالى 8.02 الف طن، وقدرت الزيادة المطلقة فى قيمة الواردات المحلية بحوالى 0.4 مليون دولار، وقد قدرت صافى الخسارة فى الرفاهية سنويا نتيجة هذا الاستيراد بحوالى 0.12 مليون دولار، كما أتضح أن الأسعار العالمية للألبان تزيد سنويا بنسبة% 12.3، وذلك كنتيجة طبيعية لتطبيق الجات كما أن كمية الواردات التى تستوردها مصر تتناقص سنويا بحوالى 1039.9 ألف طن، وقدرت قيمة انخفاض الواردات المحلية بحوالى 10.8 مليون دولار، وقد قدرت صافى الخسارة فى الرفاهية سنويا نتيجة هذا الاستيراد بحوالى 0.01 مليون دولار.            وبصفة عامة بلغت زيادة قيمة الواردات المحلية سنويا حوالى 24.7 مليون دولار، كما قدرت صافى الخسارة فى الرفاهية سنويا حوالى 27.2 مليون دولار، ومن ذلك يتضح مدى الخسارة السنوية نتيجة استيراد هذه السلع، لذلك كان ولابد من الحفاظ على مستوى معين من المخزون الاستراتيجى من هذه السلع (السلع الغذائية بصفة عامة) وذلك لتلافى احتمال الارتفاع الغير متوقع فى السعر العالمى للسلع الزراعية.